لم يعد وادي وصحراء حضرموت، المنطقة الاستراتيجية الحيوية، ساحة عبث أمني مفتوح، فبعد أعوام من التراكمات السلبية التي أثقلت كاهل المواطن، شعر أهل الوادي بالراحة والاطمئنان مع انطلاق عملية عسكرية حاسمة تحمل اسم "المستقبل الواعد".
هذه العملية، التي لم تكن حدثاً طارئاً، فقد جاءت نتيجةً لتفويض شعبي واسع، استهدف إنهاء حالة الفوضى والانتهاكات التي مارستها ميليشيات المنطقة العسكرية الأولى، المُصنَّفة على أنّها جناح عسكري لجماعة "الإخوان المسلمين" الإرهابية.
ووفق تقرير لموقع (عدن تايم)، فقد تحوَّل الواقع القاتم إلى نقطة مفصلية حينما عبّر الأهالي في حضرموت بوضوح عن إرادتهم الجماعية لوضع حد لسيطرة الإخوان على أمنهم ومقدراتهم.
وكان التفويض الشعبي للقوات المسلحة الجنوبية بمثابة ضوء أخضر لا يقبل الجدل، بعد أن أدرك الوعي السياسي المتقدّم أنّ كلفة استمرار هيمنة هذه الميليشيات باتت تفوق بكثير كلفة الحسم العسكري.
ووفق الوكالة فقد تجسَّد الهدف من عملية التحرير في محاور متعددة؛ أبرزها: اقتلاع ميليشيات الإخوان وعناصرها الإرهابية من قبضة وادي وصحراء حضرموت، ومنع تهريب الأسلحة إلى ميليشيات الحوثي عبر الخطوط الدولية الحساسة، وتأمين الخط الدولي الحيوي الذي يربط الوادي بسلطنة عُمان.
وبهذا الإجراء انطلقت معادلة جديدة قوامها أنّ أمن حضرموت هو خط أحمر لا يُمسّ، وأنّ حماية المدنيين والأرض واجب وطني لا يحتمل التردد.
في قلب هذا التحول، برز الدور المحوري للقوات المسلحة الجنوبية، التي تتمتع بخبرة واسعة في مكافحة التنظيمات الإرهابية وتأمين المناطق الحساسة، وهو ما ثبت في محافظات الجنوب. ولم يكن التحرك بدافع المغامرة، بل انطلق من عقيدة وطنية واضحة ترتكز على حماية المواطن وإيقاف الإرهاب، مع احترام الإرادة الشعبية.
وأكدت وكالة (عدن تايم) أنّ هذه الخطوات الحاسمة جاءت بتوجيهات مباشرة من الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية عيدروس بن قاسم الزُبيدي، الذي أكّد مراراً أنَّ حضرموت تمثل عمقاً استراتيجياً، وأنّ أمنها واستقرارها يُعدّ جزءاً لا يتجزأ من الدولة الجنوبية المنشودة، مشدداً على ضرورة أن يكون أيّ عمل عسكري منضبطاً ومسؤولاً، هدفه الأسمى هو تثبيت الأمن وبناء مؤسسات قادرة على إدارة المرحلة الجديدة.
وعلى الرغم من أن التحرير يمثّل إنجازاً ضرورياً، إلا أنّه ليس نهاية المطاف، بل هو نقطة انطلاق لاستحقاقات المرحلة اللاحقة، وهي مرحلة تتطلب جهوداً مضاعفة لتثبيت الأمن ومنع أيّ فرصة لعودة الفوضى أو الهيمنة الإخوانية، وإعادة تنظيم المؤسسات الأمنية والعسكرية على أسس وطنية راسخة، وتهيئة الأرضية لإدارة مدنية فاعلة تستجيب لطموحات أبناء الوادي والصحراء.
إنَّ مشهد الأمن والاستقرار الذي بدأ يلوح في أفق مدن الوادي اليوم، يؤكد أنّ إخراج ميليشيات الإخوان من المنطقة لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل كان ضرورة مُلحّة تفرضها معطيات الأمن والاقتصاد والجغرافيا